نوروز عيد الربيع عيد الأم...

أيتها التفاحة ليس لك اسم آخر غير المرأة...؟ إذا كانت المرأة عيبا طبيعيا فهي و لا شك أجمل عيوب الطبيعة. اختيار ذكي وموفق هو اعتماد أول يوم من أيام الربيع كعيدين للأم و نيروز . إن اختيار أول يوم من أيام الربيع ليكون عيد الأم هو تمثل بالأمومة البديهية التي تولد الحياة بتلقائية وعبر دورة لا تهتز توازناتها مهما طرأ على الوجود البشري من ظروف إرادية وغير إرادية . المرأة قد تحتاج إلى إطار معين و طقوس وممارسات معينة, لتتجسد أمومتها, إن كل امرأة هي أم ؟ هي أم بالفطرة, هي أم بالقوة تنتقل إلى الفعل, ما إن تتوفر لها الظروف المناسبة لذلك.... إن الأمومة هي فرح المرأة الحقيقي وقلقها الحقيقي في آن معاً . كل ما عانته المرأة عبر العصور, ومن خلال الحضارات القديمة والحديثة كافة, كان بسبب أمومتها وبسبب قدرتها على أن تكون أماً. الأمومة هي أيضا مصدر القوة الكبيرة بالنسبة للمرأة لكنه عبر العصور, تحول إلى مصدر خوف عليها ومصدر اضطهاد لها, ومصدر قمع و كبت لحريتها, و إلغاء كامل لهويتها, فألحقت بالرجل, لأنها بحاجة إلى حمايته المطلقة من الرجل ...

إن الحب الكبير للمرأة وقدرتها المذهلة على الأمومة هي سر اضطهادها, لقد ترسخت في العقول وفي التقاليد وفي الحكايات الشعبية صورة المرأة الضعيفة التي تحتاج إلى حماية الرجل , وهذه هي معضلة المرأة العصرية في محو هذه المفاهيم واستبدالها بأخرى تتضمن احتراما لقدرة المرأة على حماية نفسها بطرق عدة , وبالتالي حريتها في أن تختار كيف تحمي نفسها .
وهذه التقاليد رسخت أيضا في ذهن الرجال تصورا للمرأة منه ينبع خوفه عليها, إنه يخاف عليها من نفسه, من شبيهه الرجل, ومن نظرته إلى المرأة.
هذه هي معضلة المرأة في الزمن الحديث , ليست قضية حريتها وما نسميه مساواة في الحقوق والواجبات إلا تجسيدا لمخاوف الرجل ذاته من الرجل الآخر على المرأة , على امرأته وعدم ثقته بقدرته على أن تصد الرجل الآخر وتلجم وحشية الصورة التي يحملها في خياله عن المرأة .
إن القضية قضية عادات ومعتقدات قديمة تعشش في خلايا دماغ الرجل.. هيهات أن يتنازل عنها بسهولة.
هذه التقاليد والأعراف جعلت المرأة في دوامة من التمزق عبر التاريخ يشد بها إلى أغلال الخوف والتقوقع, وبين عالم الحديث بأفكاره وتطلعاته ومفهومه للحرية.
في نظره هي إنسان قبل أن تكون امرأة, لذلك هي تتساوى في الحقوق والواجبات, وقد بلغ مستوى هذا الوعي في بعض البلدان درجات عالية.
في بداية الربيع , تبسط الطبيعة مروج أزهارها بسخاء , والأنامل الصادقة الوفية سوف تحضن باقات الورود لتقدمها للام في نوروز , انه فرح الولادة والتجدد .
الأم في مسيرة عطائها تنسى جذور القضية وأسباب تقلص مسافات الحرية والحقوق في حياتها كامرأة, سعيدة هي بأمومتها التي تكسبها أسمى الحقوق وتكسبها القوة المطلقة.
إنها حضن الحياة الدافئ... فبقدر ما تعطي وتبذل بقدر ما تزهر الحياة وتتألق, أما إذا انسحبت وترددت وقلت في عطائها تبشع وجه هذا العالم وسارعت الكهولة والضجر إلى غزو معالمه.
فرح العالم تضيئه بسمة أم , بحبها وحنانها .
الأم هي كل امرأة . إذا أردنا ولهذا العالم أن يتحرر من بؤسه وشقائه فلنعد إلى المرأة
احترا مها لأمومتها وحقها بان ترعى هذه الصفة من دون ضغوط الرجل الناتجة عن هيمنة المفاهيم الاقتصادية والذكورية البحتة على الحياة وحركتها .
العالم يتزلق إلى المأساة , لان الأمومة على رغم مظاهر الفرح , والاحتفالات بعيد الأمهات , تتراجع في أهميتها وفي تراتب القيم الإنسانية . لنعد إلى المرأة قدسية هذه الرسالة, لعل وعسى أن يكون عيدها في القادم من الأعوام أكثر عدلا وإنصافا لآدم وحواء معا في جنة أرضية صعبة النوال ..
( المقالات المنشورة تعبر عن وجهة نظر أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع ) ..