الأعياد والمرأة

هل هناك حس جمعي بالتقصير تجاه المرأة ، الأم بشكل خاص؟ وهل أن الإصرار على تكريس يومين في السنة أحدهما يسمى “يوم المرأة” والآخر يسمى “عيد الأم” للتعبير عن هذا التقصير غير المعتمد تجاه من أعطت ورعت وتعبت وضحت بكثير من مباهج الحياة من أجل الأمومة؟ نعم ، هناك حس بأن الأم لم تمنح ما يكفي من الرعاية والتقدير لدورها الكبير في حفظ كيان الأسرة والمجتمع والأمة.
ولو أراد المجتمع والدولة مكافأة الأم على تضحياتها فإن يوم الأم الذي أصبح ظاهرة احتفالية أكثر منه يوما للتكريم الفعلي للأمهات بكل طبقاتهن وانتماءاتهن ومستواهن الثقافي والعلمي.
الأم التي تقبل التضحية بالعمل والمنصب واثبات الذات ، وتعمل ساعات لا تنتهي في البيت ، تستحق أكثر من علاوة تضاف لراتب الزوج ، وإذا كنا جادين في إحساسنا الذي يفيض هدايا ، معظمها مادية ، في “عيد الأم” بشكل خاص ، فإن تخصيص راتب للأم غير العاملة أو للأم التي لا تعمل لرعاية الأطفال هو ما يجب العمل عليه لتحقيق المساواة الحقيقية بين عمل الرجل خارج المنزل وعمل المرأة داخل المنزل.
وأود لو تقوم المؤسسات مثل النقابات بدور ريادي في هذا المجال ، فهناك نسبة عالية من النقابيات الطبيبات والمهندسات والصيدلانيات والممرضات وغيرها من المهن يتركن أعمالهن لرعاية الأسرة ، وهذا التفرغ يستحق التقدير ، إذ أنهن يوفرن مواقع لزملاء آخرين وزميلات أخريات للعمل بدلا منهن ، من هنا أقترح لو أن النقابات تخصص صندوقا للنقابيات غير العاملات وتعطيهن الحد الأدنى من الرواتب ، ومن السهل الحصول على هذا المال من خلال فرض نسبة قد لا تزيد عن واحد بالمائة على العاملين والعاملات من النقابيات والنقابيين.
وقد يكون هذا بداية مشجعه لمؤسسات الدولة لتخصيص رواتب للنساء اللواتي تجاوزن خمسين عاما من عمرهن وليس لهن رواتب تقاعد أو ضمان. وقد يساهم هذا في تحسين شروط الحياة للأسرة ويخفف من عبء نسب البطالة المستقرة التي يعاني منها المجتمع. وهنا أثمن ما قامت به وزارة الصحة من تأمين صحي لمن تجاوزوا الستين عاما من الجنسين. هذه الاقتراحات قد لا تلاقي ترحيبا لأنها تعني أعباء مادية على الحكومة وعلى المؤسسات الأهلية التي قد تتبنى هذه الاقتراحات ، ولكنها اقتراحات قابلة للنقاش حيث أن هناك دولا ونقابات تطبق هذه الأسس كما في دولة عربية شقيقة ، حيث تعطى المهندسة التي لا تعمل راتبا نقابيا إلى أن تعمل.
الهدف مما سبق هو أن تكريم الأم يستحسن أن يكون عاما وليس فرديا فقط ، فالأسرة تعرف أن الأم هي أساس استمرار الحياة في البيت وتكرمها في العيد كل بطريقته ، ولكن التكريم الأكبر لهذا العنصر المنتج يكون من المجتمع كله حتى لا يظل هذا الحس بالتقصير تجاه النساء بشكل عام والأم بشكل خاص.
قالت الطفلة “الأمات بتعبوا كثير” وهي تقصد أن “الأمهات يتعبن كثيرا” وهذا يعني أنها تشاهد أمها تكرس كل وقتها للأسرة وتشاهد مظاهر التعب عليها وتقدره.
فهل تتغير النظرة للمرأة إذا ما أصبح التكريم جزءا لا يتجزأ من ميزانية الدولة والمؤسسات ، وهل يسهم هذا التكريم بحل المشاكل الأخرى المتعلقة بالنظرية الدونية للمرأة خصوصا التي لا تعمل